Sunday, December 28, 2008

عندما صفعني... صالح الملا


مقالة أكثر من رائعة و معبرة كتبها سعد العجمي في جريدة الجريدة إرتأيت نشرها في المدونة كإضافة لما تحمله من معاني
و بالمناسبة نبارك للأعلامي المتميز دائما سعد العجمي لتنصيبه مديرا لقناة العربية فرع الكويت
أترككم مع المقال
عند اختتام دور الانعقاد الماضي كتبت مقالاً انتقدت فيه النائب صالح الملا لتصويته على إقرار الميزانية العامة يوم أن سلقت و«كروتت» بداعي ضيق الوقت رغم حجمها الهائل... انتقادي للملا آنذاك وذكره بالاسم دون غيره من النواب الذين صوّتوا هم أيضا بنفس الاتجاه، تمحور حول جزئية أن الملا يمثل جيل الشباب في المجلس، بآماله وطموحاته، وقبل ذلك وبعده بحماسه، فنقدته أو بالأحرى «شرهت» عليه، كونه لم يطالب بتمديد الجلسات كبعض زملائه، وانضم إلى جوقة النواب الذين فضلوا التمتع بالإجازة الصيفية خارجياً وداخلياً على حساب التمحيص والتدقيق على الموازنة العامة للدولة في ظل حكومة لا تستطيع أن تدير «بقالة»، فما بالكم بميزانية قدرها تسعة عشر مليار دينار، فكان عليه أن يصوّت بالرفض، ولو من باب تسجيل موقف.
يوم أن وجهت ذلك النقد لصالح الملا كنت لا أعرفه عن قرب، ولم ألتقِ به شخصيا رغم وجودي شبه اليومي في مجلس الأمة، حينها مارست حقي في نقد شخصية سياسية عامة، واليوم أكتب هذا المقال والوضع كما كان في السابق، بمعنى أنني لم ألتقِ بالملا ليعتب عليّ أو ليبرر لي ذلك الموقف.
مازلت عند رأيي بأن صالح أخطأ في تصويته ذاك، لكنني أملك الشجاعة لأقول إن الملا «صفعني» ثلاث مرات جعلتني أعتبر موقفه في جلسة الميزانيات أشبه برجل «أعور» يعيش في قرية جميع سكانها مكفوفين.
أولا «صفعني» صالح بموقفه الوطني الحاسم والرافض لمشروع المصفاة الرابعة، وهو موقف، وفي ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي لعائلته، أشبه بموقف نائب قبلي في الدائرة الخامسة يصوت مع قانون تجريم الفرعي. ثم جاءت تصريحات الملا بعد الحديث عن الحل غير الدستوري أخيراً لتكون بمنزلة «الصفعة» الثانية، فخلال تلك التصريحات التي وصلت إلى سقف عالٍ جداً من الشجاعة والصراحة، أثبت الملا أنه يسير على خطى ثلة من رموز العمل الوطني السياسي السابقين، وقلة من الحاليين، فيما حملت تداعيات أزمة اتفاقية «داوكيميكال» الصفعة الثالثة التي وجهها الملا لي، فهو لم يكتفِ بالوقوف ضد الصفقة والدخول في سجال سياسي مع الحركة الدستورية، بل ذهب إلى أبعد من ذلك عبر تهديده بالمساءلة السياسية لرئيس الوزراء إن صادقت الحكومة على الاتفاقية.
على كل أنا استخدمت مفردة «صفعة» هنا مجازاً، لأن صالح الملا حقيقة وبمواقفه تلك لم يصفعني، بل منحني جرعة أكسجين جديدة من الأمل والتفاؤل، بأن الكويت مازالت قادرة على إنجاب نواب بمواصفات «رموز»، كون صالح الملا من اليوم فصاعدً، أصبح بالنسبة لي أحد فرسان ذلك الزمن الجميل الذي كان فيه التيار المدني بخطه السياسي، لا الفكري، يفرخ الرموز الوطنية القادرة على قيادة وإدارة دفة اللعبة السياسية، بعد أن أصابنا اليأس والإحباط والشك بأن ذلك التيار قد أصابه العقم.
صالح الملا: خذها مني، ومن الآن وليس غداً... أنت تمشي على الطريق الصحيح، والدليل شعبيتك لدينا في المناطق الخارجية، فهي باتت تفوق شعبية نوابنا هنا، وهي تعادل- إن لم تتجاوز- شعبيتك في دائرتك، وإذا أردت أن تضاعف محبيك ومناصريك في جميع مناطق الكويت فما عليك إلا أن «تصفعنا» بين فترة وأخرى

No comments:

Post a Comment