Thursday, May 21, 2009

رئيــس ما عنـــــده غيـــر فلوســـه

هذه مقالة كتبها بوراكان العام الماضي في الطليعة بعنوان "رئيس ماعندة غير فلوسة" و نعيد نشرها في المدونة لتعم الفائدة


كتب عبداللطيف الدعيج


في نظر أكثر المراقبين قربا واطلاعا على علاقة السلطات الكويتية إن سبب الأزمات المتواصلة والمتصلة بين الحكومات المتعاقبة وبين مجالس الأمة يعود بالأساس إلى افتقاد المجلس إلى رئيس قادر على التعامل مع النواب وتأصيل مطالبهم وتوجهاتهم المقبولة حكوميا والمجازة دستوريا. في الوقت ذاته الذي يكون قادرا فيه أيضا على كبح الجماح الحكومي أو إسداء النصائح المخلصة والصحيحة للوزراء والحكم، وتوجيه الفرقاء في النهاية نحو مناطق الالتقاء ومراكز توحيد وتقارب المواقف

رئيس مثل هذا يرى كل المتابعين للمآسي التي تدخل في ثناياها بإصرار وتكرار السلطتان من المفروغ منه أن يكون ذا تأثير واحترام لدى النواب، أو كما وضعه الأكثر دقة منهم، رئيس لديه غالبية نيابية، أو على أقل تقدير، كتلة يستند إليها ونواب قادرون على تجييش الأنصار وحشدهم للاصطفاف خلف الرئيس وخلف ما يريد تحقيقه باسم المجلس أو باسم المصلحة العامة للحكومة والمجلس والناس بشكل عام. رئيس المجلس الحالي السيد جاسم الخرافي فرد. بل هو منفرد، «بلا حنيس أو ونيس» كما المثل الشعبي. وبالكاد لديه القدرة أو الكاريزما المطلوب توافرها لإقناع واقتناص الجديد من النواب

لقد حاول المستفيدون من حالات الاحتقان المتواصلة والمتفاقمة بين الحكومة ومجلس الأمة أن يصوروا لمن في الحكم ولرئيس الحكومة أنها كلها نتاج مناكفة وعناد الرئيس السابق أحمد السعدون ومن يناصره من نواب. هذا الطرح يلقى استهجانا من قبل من راقب ويراقب بدقة مسارات وانحرافات ما يعلق من قضايا ويتطور من أزمات بين الحكومة والمجلس. لا ينكر هؤلاء أن للرئيس السابق أحمد السعدون ولكتلة العمل الشعبي التي يتزعمها دوراً ملحوظاً في الاستجوابات وفي الاعتراضات أو «الاكسات» التي وضعها نواب الشعبي وزعيمهم على وزراء الحكومة أو على مشاريعها وخططها. لكنهم في الوقت ذاته يشيرون إلى أن مسبحة الاستجوابات كرت والسيد السعدون رئيس للمجلس وأن من بدأها، وفي الواقع «شعللها»، هم نواب الحكومة ومن تحالفت معهم وأزرتهم الأسرة في السنوات السابقة، التيار الديني هو الذي بدأ الاستجوابات وهو الذي تسبب في التدوير المتكرر والتغيير المتواصل للوزراء بدءا من استجواب المرحوم أحمد الربعي وزير التربية السابق مرورا باستجواب الشيخ سعود وانتهاء وليس في الواقع نهاية باستجواب الوزير الكليب الذي أدى إلى حل مجلس الأمة. أكثر النواب استجوابا حتى الآن هو النائب حسين القلاف، شيعي متدين وليس للشعبي أو الرئيس السعدون علاقة به، يليه بخمسة استجوابات النائب الطبطبائي وهو أيضا من خارج كتلة العمل الشعبي وهو مثل السيد القلاف متدين وسلفي حسب ما يزعم. يحل ثالثا في عدد الاستجوابات نائب متدين أيضا وهو فيصل المسلم بأربعة استجوابات. بعد هؤلاء يأتي النائب مسلم البراك الناطق الرسمي باسم كتلة العمل الشعبي بأربعة استجوابات مشاركا النائب المسلم في مكرر المركز الرابع. إذن الاستعراض السياسي للاستجوابات يبين أن كتلة العمل الشعبي والسيد السعدون لهما النصيب الأقل فيها. فأكثرها تولاها المتدينون وبعضها لكتلة «الليبراليين أو الوطنيين» وأقلها ما اضطلعت به كتلة العمل الشعبي. ربما كان لحدة استجوابات الشعبي ونتائجها أثر كبير في تضخيم دورهم ونشاطهم المعارض، يضيف مراقبونا، حيث إن معظم استجوابات النائب مسلم البراك صاحبتها العواصف وانتهت إما إلى طرح الثقة أو استقالة الوزير بينما أغلب بقية الاستجوابات بالكاد صعّدت الوزير المستجوب المنصة

واضح لكل من يدقق بعناية في مسارات العمل السياسي والعلاقة بين المجلس والحكومة أن هناك من صور للحكم والحكومة أن إقصاء السيد السعدون عن منصة الرئاسة سيضعف تأثيره ويقلص من المعارضة الحادة للحكومة. ما حدث هو العكس تماما. ازداد التوتر بين الحكومة والمجلس وانشغل الكل بالاستجوابات وطرح الثقة. كل هذا أثبت أولا خطأ الخيار الحكومي بإقصاء الرئيس السعدون والثاني والأهم أن البديل يفتقد الكثير من القدرات والمواصفات المطلوبة لرأب الصدع بين الحكومة والمجلس، بل إنه ساهم بتأزيم الأوضاع بدلا من تهدئتها وتعقيد الأمور بدلا من حلها. الرئيس الخرافي كما يراه الكثير من المراقبين يفتقد التأثير الضروري في النواب وليس لديه إلا «فلوسه». واليوم أصبح هو وما يملك عبئا على الحكومة وكارثة على البلد أيضا. إن هناك تساؤلاً كبيراً عما يجبر الحكومة أو الشيخ ناصر المحمد على دعم السيد جاسم الخرافي، لأنه إذا كان صحيحا أن للرئيس السابق أحمد السعدون كل هذا التأثير وأنه المحرك لكل ما يعرقل العمل الحكومي فإن السؤال المنطقي.. «لماذا لا تتعاونوا معه» يطرح نفسه...!! إن من الغريب أن يستمر البعض في استخدام النفوذ المفترض لأحمد السعدون لتبرير الأزمات بين الحكومة والمجلس ثم لا يأخذ هذا النفوذ أو وزن الرئيس السابق بعين الاعتبار عند معركة الرئاسة

إن الحكومة تملك تحديد رئيس مجلس الأمة.. وبعد تجربة الرئيس الخرافي لمدة عشر سنوات واضح أنه ليس الرئيس القادر على تلبية الرغبات الحكومية وإقناع النواب بها. باختصار لسان حال كل المعنيين بالشأن العام وبانتخابات مجلس الأمة... رجّعوا السعدون أو دوروا غير الخرافي والسلام

2 comments: